حكم صيام يوم الجمعة

حكم صيام يوم الجمعة من الأحكام الشرعية التي سيقدّمها هذا المقال، حيث يرغب الكثير من المسلمين بمعرفة أحكام الصيام يوم الجمعة، فالصّيام من العبادات العظيمة التي شرّعها الإسلام، والتي يرفع الله بها عباده درجات، ويوم الجمعة من الأيّام العظيمة التي خصّها ربّ العالمين بالكثير من الخصائص دون الأيّام، وفضّلها على باقي الأيّام بعديد الفضائل، وفي هذا الموقع يقدّم الموقع الثقافي أحكام صيام الحمعة في الإسلام مع بيان أحكام الصّيام مكروهه ومحرّمه.
الصيام في الإسلام
قبل الإطّلاع على حكم صيام يوم الجمعة فسيتمّ التّعرف على الصيام في الإسلام، والصيام سيُعرف في اللغة أنّه الإمساك، ويُعرف اصطلاحًا أنّه عبادةٌ لله -سبحانه وتعالى- وذلك بالإمساك عن الطّعام والشّراب وسائر الشهوات من طلوع الفجر وحتّى غروب الشّمس، وصيام رمضان من أركان الإسلام الخمسة وهو عبادةٌ مفروضة عل كلّ مسلمٍ مكلّف، ويكون الصيام واجبًا أو مستحبًّا أو مكروهًا أو محرّمًا وكلّ نوعٍ له أحكامه، والصيام في الإسلام لا يكون بترك الطّعام والشّراب والشّهوة فقط، بل بترك كلّ ما يُغضب الله عزّ وجلّ، ومن شدّة أهميّة الصّيام فإنّ الله -سبحانه وتعالى- جعل الصّيام له وهو يجزي به، وقد ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: “يقولُ اللهُ: الصومُ لي، وأنا أَجْزي به، يَدَعُ الطعامَ والشَّرابَ من أجْلي، وشَهوتَهُ لي، والصومُ لي، وأنا أَجْزي به، ولَخُلوفُ فَمِ الصائمِ أطيَبُ عندَ اللهِ من ريحِ المُسكِ” لذلك على المسلم أن يحرص على أداء هذه العبادة.
حكم صيام يوم الجمعة
إنّ حكم صيام يوم الجمعة مكروهٌ في الإسلام إلا إذا وافق صيامًا مفروضًا أو من اعتاد الصيام بشكلٍ دائم، وهذا القول وافق قول جمهور أهل العلم من الشّافعية والحنابلة والأحناف وقاله بعض السّلف، فقد ورد عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث التي ينهى بها عن صوم يوم الجمعة منفردًا عن غيره من الأيّام، منها ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: “لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ”.[3] ويقول الإمام النووي أنّه يُكره إفراد يوم الجمعة بالصّوم فلو وصله المسلم بيومٍ قبله أو يومٍ بعده أو أن يوافق ذلك عادةً له، لم يُكره عليه ذلك، والله أعلم
صوم القضاء يوم الجمعة
ورد في حكم صيام يوم الجمعة أنّه مكروهٌ لو كان صيامه منفردًا في صوم التّطّوّع وذلك لما نهى النبي -صلى الله عليه وسلّم- عنه في الكثير من الأحاديث الشريفة في السّنة النبوية، وصوم القضاء لفرض الصيام يُستثنى من هذه الكراهة فهو جائزٌ ولا حرج فيه ولكن الأفضل أن لا يصوم القضاء في يوم الجمعة منفردًا، والأفضل من ذلك أن يقضي صيامه في يومٍ غير الجمعة، ويُستثنى من كراهة صيام يوم الجمعة من صام قبله أو بعده، أو اتفق وقوعه في أيّامٍ له عادة بصومها، أو وافق الجمعة يومًا نذر فيه الصيام، وبهذه الحالات يجوز له الصيام فيها.
هل يجوز صيام يوم الجمعة في شهر شعبان
بعد الاطّلاع على حكم صيام يوم الجمعة فإنّ العديد من التّساؤلات قد تُطرح حول صيام يوم الجمعة في شهر شعبان أو لو صادف منتصف شعبان، حيث إنّ بعض المسلمين يقومون بتخصيص منتصف شعبان بالصّيام، وقد بيّن أهل العلم أن هذا الفعل غير مشروعٍ في الإسلام، وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين عن صيام الجمعة في شعبان، فأجاب إنّ صيام النصف من شعبان لا أصل له في الإسلام، لذلك لو لم يصم المسلم إلا منتصف شعبان ووافق الجمعة فيُكره صيامه فيها، ولكن لو صام شعبان معظمه أو كلّه جاز له أن يصوم مع جملة ما يصومه من الأيّام في يوم الجمعة
هل يجوز صيام الجمعة في العشر من ذي الحجة
إنّ الأيام العشر من ذي الحجّة من الأيّام المباركة والعظيمة عند الله، وقد بيّن النّي -صلى الله عليه وسلّم- فضلها وحثّ الإكثار من الأعمال الصالحة فيها، وقد ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما العملُ في أيامٍ أفضلُ مِنهُ في عشْرِ ذِي الحِجَّةِ ، ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ، إلَّا رجلٌ خرجَ يُخاطِرُ بنفسِهِ ومالِهِ ، فلمْ يرجِعْ من ذلكَ بشيءٍ”.[7] والأعمال الصالحة فيها تشمل الصيام، فمن صام من أيام ذي الحجّة كلّها أو بعضها وكان فيها يوم جمعة فلا حرج عليه، لكن لو صام يومًا واحدًا فقط منها وصادف يوم جمعة فذلك مكروه والله ورسوله أعلم.
الصيام المكروه
ببيان حكم صيام يوم الجمعة فإنّ المسلم يُدرك أنّ الصّيام لا يكون كلّه مُستحبًّا، بل يمكن أن يكون مكروهًا ويمكن أن يكون صيامًا محرّمًا، فالصيام المكروه هو الصّيام الذي لم يرد فيه نصٌّ يقطع في حرمته ولكن ورد النّهي عنه والتنفير منه، ومن صور الصيام المكروه ما سيتمّ ذكره آتيًا:
- صوم الدهر كلّه: وهو أن يقوم المسلم بصيام العمر كلّه بصومه كلّ يوم دون أن يفطر أبدًا، وهذا من الصّيام الذي كرّهه جمهور أهل العلم، وذلك لأنّه يُضعف العبد عن سائر العبادات، ولأنّ به تُصبح العبادة عادة والأصل في العبادة هو مخالفة العادة وقد نهى عنه النّبي صلى الله عليه وسلم.
- صوم الوصال: وهو أن يوصل المسلم بصومه يومين متتاليين لا يأكل بينهما ولا يشرب أبدًا، وهو مكروهٌ عند أهل العلم وممّا نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- صوم يوم عرفة للحاج: فيوم عرفة من الأيّام التي أمر الإسلام بصومها لغير الحاج، لكنّ الحاج يُكره له ذلك لأنّ الصيام يُضعفه عن عباداته الأخرى.
- إفراد صيام يوم الجمعة: فحكم صيام يوم الجمعة منفردًا هو الكراهة بغير صيام الفريضة أو بمخالفة عادةٍ أو نذر.
- إفراد يوم السبت بالصيام: فقال بعض أهل العلم أن إفراده بغير فريضة أو بغير عادة فإنّه مكروه وذلك لأنّه بذلك يكون تشبّهًا باليهود.
- تخصيص شهر رجب للصيام: فأن يقوم المسلم بتحديد أيّامٍ من رجب أو رجب كلّه لصيامه إيمانًا بفضل صيام رجب فهو مكروه.
الصيام المحرم
قبل ختام مقال حكم صيام يوم الجمعة فإنّه من الضّروري بيان الصوم المحرم وصوره وأشكاله، وممّا حرّم الإسلام صيامه ما يأتي:
- صيام يومي العيد: وقد أجمع أهل العلم على تحريم الصّيام في العيدين الأضحى والفطر، وذلك لما ورد في السّنة والأثر عن تحريم النّبي -صلى الله عليه وسلم- الصوم فيهما، وممّا ورد: “شَهِدْتُ العِيدَ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَقالَ: هذانِ يَومَانِ نَهَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِن صِيَامِكُمْ، واليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فيه مِن نُسُكِكُمْ
- صيام أيّام التّشريق في عيد الأضحى: وهو ما أجمعت مذاهب الفقه الأربعة على تحريمه، وأيّام التّشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وجاء بذلك نصٌّ صريحٌ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- فيه نهي صومها.
- صوم يوم الشّك: وهو ما يُطلق على اليوم الثلاثين من شهر شعبان، إذا لم يثبت رؤية هلال رمضان ثبوتًا شرعيًا، فلا يجوز صومه إطلاقًا لقول النّبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث وما رواه صلة بن زفر قال: “كنَّا عندَ عمَّارٍ في اليومِ الَّذي يُشَكُّ فيهِ ، فأتىَ بشاةٍ ، فتنحَّى بعضُ القومِ ، فقالَ عمَّارٌ : من صامَ هذا اليومَ فقد عَصى أبا القاسِمِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ”.
وهنا تكون نهاية مقال حكم صيام يوم الجمعة الذي عرّفنا بالصّيام في الإسلام، كما أنّه بيّن حكم صوم الجمعة منفردًا وحكم صيام القضاء يوم الجمعة، ثمّ بيّن حكم صيام يوم الجمعة في شعبان أو في العشر من ذي الحجة، ثمّ تطرّق المقال لأنواع الصيام التّطوع والصيام المحرم والصيام المكروه.